التصنيف : كتب دينية
الناشر : دار النهضة العربية للطباعة والنشر والتوزيع
وصف
أمست الفلسفة موسّعة، عالمية، كونية، شمولانية، فهي تهتم بـ "ماهيات"، و"قوانين" هي الأعم والأشمل في التفسير والتغيير. إنها تتساءل حول: "الحياة، الطبيعة، الروح، العقل، المصير، المعنى، الزمان، الحقيقة، الذات، الهوية، التناهي، الألوهية، المادة، الشر، اللامتناهي...؛ وهذا التساؤل لم يبق محكوماً بالخطاب اليوناني العربي - اللاتيني، ولا هو مقيد بمسبقات الفلسفة الغربية ممثلة بكانط أو هيغل، نيتشه أو هايدغر.. فخطاب الهندي أو الصيني، على سبيل الشاهد، غدا مرغماً على الإدلاء بتحليلاته وأحكامه، نظرياته و"منطقه" وقيمه..، وغدونا "مرغمين" على الإنصات إلى خطابه وموقعه، أسئلته ومقاصده، مجالاته ومحاوره، قيمه وإيديولوجياته، ماورائياته وطرائقه ونصه. لقد صارت الفلسفة شمولانية. إنها تتسع لكل الأمم، وتتأسس على علم "العلل الأعم والأشمل" على "الماهيات" التي لا تنفرد بها ثقافة، أو لغة، أو دين؛ أو تارة صارت فكراً كونياً، ديموقراطياً، وخطاباً ينظر في البشرية، ومن أجلها ولمستقبلها. ولا غرو، فعندنا، قد تخلت الفلسفة عن أن تكون متمركزة حول مركز هو العقل اليوناني، أو العقل الأوروميركي، أو اللغة والحضارة والعقلانية كما التاريخ والوعي والحرية في أمم محدودة مركزانية الرؤية، أو أحادية البعد وغير مقرة للآخر بحقه في أن يكون كفوءاً مساوياً وأخاً حرّاً مشبع الانتماءات والحقوق أو مشبع الدوافع الأساسية والحاجات الحضارية. من هنا يمكن القول بأن القول الفلسفي، في مدرسته العربية، قول عقلاني شمولاني يتجاوز المركزانية الأوروبية في التأرخة وفي الإنتاج للفلسفة والفكر والحضارة، ويتخطى العربي "الغربي" المتحور حول تخيلات أو أظنونات بأنه المحتكر للحقيقة، والأقدر الذي أعطى معنى للوجود والزمان والصيرورة، للذات والتاريخ والمعنى. وبحكم ذلك، أي انتهاضاً وتأسساً، فالقول الفلسفي هذا يفتح الفلسفة على كل ثقافة، وعلى كل أمة، أو دين، أو لغة، يلي ذلك، أو يتدفق معه ويرتبط به، انفتاح هو على العملي، والجماهيري، والفكر المستقبلي النزعة، والبشرية قاطبة.. فالجوع والاستبداد والظلم المعضلة السكانية ومشكلات البيئة والعولمة، ثورات العلم ومستلزماته الأخلاقية والآدابية، كل هذا، بات يدفع إلى إعادة صياغة الأسئلة الفلسفية، وإشكاليات الفكر الاستراتيجي، تفيوءاً لإعادة بناء الإنسان، والإنساني فيه، على نحو متناقح مرن، متعدد الأبعاد والتكيف، غير مقلّص إلى الامتلاكي والخوائي، العلمي، والتقاني، الجسدي والارتقابي، الأحادي والنهائي، اللامؤنسن وغير المتواضع، البلا معنى والبلا وجه، اللاقيمي. في هذا الإطار يأتي هذا الكتاب "ميادين المدرسة العربية الراهنة في الفلسفة والفكر.. وهو الحلقة السادسة من مشروع الدكتور علي زيعور "الفلسفة في العالم والتاريخ وللمستقبل" والذي يودّه أن يكون أداة تدبر، متحركة ومنفتحة، في مجال المدرسة العربية الراهنة في الفلسفة. وقد عرض الدكتور زيعور في أعمال سابقة له لمجال تلك المدرسة وأسئلتها؛ ثم للنظريات الفلسفية المتصارعة والمذاهب المتحاورة في نطاق الفكر العربي الراهن وإشكالياتها، لطرائقها ووظيفتها، تثميراتها وطموحاتها.. وفي هذا الكتاب يعرض المؤلف إلى شخصية المدرسة العربية الراهنة في الفكر والفلسفتين العملية والنظرية، ومن ثم يبين ميدان رهانات ومشاريع وأسئلة تلك المدرسة مختتماً تلك الدراسة بباب تحليلي حول ثورة وصياغة مستجدة للإنسان والعقلين وحول حقوق المجتمع والوطن والمسكونة.
0 coment�rios: